الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً، لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية، بمعنى ان الموقف الذي يستدعي ان تكون طيباً تكون كذلك، والموقف الذي يستدعي الصلابة يكون صلباً ممتنعاً...

وضع الله سبحانه وتعالى كل الأشياء بموازين وقياسات فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها، وهذا الذي يجب ان يسير كل تفصيلات حياتنا وأفعالنا وعواطفنا فلا بديل عن هذه الموازين الدقيقة، والطيبة لدى الانسان واحدة من الصفات التي تكون بالنسبة اليه سلاح ذو حدين، فلا نقيصة تجل الانسان منزوع الإنسانية، ولا افراط يجعله مستغلاً، فما هي الطيبة؟، وماهي أبرز اثارها السلبية على حاملها؟، وكيف يجب ان يكون التعامل مع الانسان الطيب؟

يمكننا تعريف الطيبة على انها الحالة النفسية التي تسيطر على الانسان وتجعله يعطي لأبناء جنسه كل ما يملك من دون قيد او شرط، مما قد يوقع صاحبها بفخ الاستغلال والامتهان وبالتالي تتحول الى نقمة عليه ووبال.

من الواقع:

اغلبنا يعمل في بيئات عمل سواء في العمل الخاص او الحكومي، وجميعنا او اغلبنا وجد في مكان عمله ذلك الزميل الذي لا يقول لاحد لا، فينفذ كل ما يطلب منه برغبته احياناً وتحت سطوة الحياء والرغبة بعدم رد طلب زملاءه احياناً كثيرة، فقد يحل هذه الموظف الكثير من المشكلات التي تحدث في العمل لكنه يعاني من مشكلة استغلاله البشعة التي لا يتفهمها الكثير من الناس او قد يتجاهلوها لقضاء حاجاتهم بعيداً عن النظر في تداعيات الامر على الفرد المستغل للأسف.

هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟

الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً، لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية، بمعنى ان الموقف الذي يستدعي ان تكون طيباً تكون كذلك، والموقف الذي يستدعي الصلابة يكون صلباً ممتنعاً على قاعدة (لا تكن ليناً فتعصر ولايابساً فتكسر)، وهذا هو المقياس للعطاء او المنع.

تعكس الطيبة حالة التأثر بالواقع لذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان.

هل الطيبة تؤذي صاحبها؟

إذا أحسن الانسان التصرف في المواقف الحياتية المختلفة بحيث استخدم الطيبة بتوازن وباتفاق مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج، اما الميل الشديد وبعاطفة لإعطاء كل شيء وبدون مقابل ولا شكر ولا احترام ولا تقدير فأنها تجعل الفرد الطيب في مثل هذه الحالة مستغل وقد يكون مهان في أحيان كثيرة.

ما يجب:

ما يجب على الانسان ان يعرفه ويعمل به هو فيما يخص الطيبة هو ان الطيبة يجب ان لا تلغي دور العقل انما يتحكم العقل بها، فتحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل ورجاحته وليس عيب او منقصة في الانسان.

كما يجب ان يكون قرار الانسان في بعض الحالات قاسياً لحماية نفسه وابعادها عن الاستغلال، فمهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية تعطيه احترام خاص وتمنع التعدي عليه وإيقاف سلوكيات الامتهان التي انتجها التفكير الخاطئ للبشر، فأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم.

اضف تعليق