ان التربية بالقدوة تعمل على غرس القيم، فالقدوة الحسنة تساعد في غرس القيم الإيجابية مثل الصدق، والأمانة، والإحسان، والتعاون للطفل، وبذا تبعده عن القيم السلبية. ولأجل هذه الفوائد، يجب أن يتبع الوالدان والمربون أسلوب التربية بالقدوة كأسلوب حياة في التربية...
من أكثر المهام الإنسانية أهمية وصعوبة ربما هي مهمة التربية، سيما في عصر تتزايد فيه المغريات والتدخلات المباشرة وغير المباشرة في التربية، مما يعقد الأمر ويجعله تحديًا صعبًا بالنسبة للآباء والمربين والمعلمين الذين يشتركون بالعادة في تربية الأبناء. وما سنخوض فيه هو التربية بالقدوة وما هي أمثلتها والطرق التي تؤدي إليها.
تعريف القدوة
تُعرَّف القدوة بأنها نموذج يتطلع إليه أفراد آخرون ليكونوا مثله. وقد يكون أحد هذه النماذج شخصًا معروفًا يتم التفاعل معه بشكل منتظم مثل أولياء الأمور أو أي أحد من أفراد العائلة، أو المعلمين وغيرهم.
ما هو معنى التربية بالقدوة؟
التربية بالقدوة تعني أن يولد الطفل وهو منزوع المهارات الاجتماعية والتربوية، وعند الوصول إلى سن الثالثة تقريبًا يبدأ يركز على سلوكيات أحد الكبار وتقليدها. وغالبًا ما يكون هذا الشخص هو أحد الوالدين أو كلاهما، واللذين يُعدّان أول مثال وقدوة يُحتذى بها عن طريق مراقبة تصرفاتهما وتقليدها. يراقب الطفل والديه باستمرار، مثلاً عند استخدام مصطلحات معينة مثل: "شكرًا" و "من فضلك"، فيتعلم هو أيضًا إدراجها في حياته اليومية. كما يُعدّ استخدام المهارات الاجتماعية طريقة رائعة لنمذجة السلوك الإيجابي وتعزيز ثقة الطفل بنفسه. هذا هو المعنى الدقيق للتربية بالقدوة.
من الواقع:
عزيزي القارئ الكريم، جرب أن تتحدث لابنك عن الإيثار وأهميته في بناء الجسور الإنسانية بين بني البشر، ربما سيعتبر ذلك مجرد معلومة خالية من الجدية أو خالية من الروح الواقعية. بينما لو اصطحبته يومًا معك إلى السوق أو إلى زيارة أحد المراقد وحصلت أزمة سيارات، كما هو الحال في الزيارات المليونية في العراق، ورأيت أحدهم الكبير في العمر يبحث عن مقعد في الباص بينما أنت تجلس، وأجلسته محلك بينما بقيت أنت واقفًا، هنا سيتحول الكلام عن الإيثار إلى تطبيق فعلي يترسخ في باله ويصبح بالنسبة له قيمة يعمل بها ولا يغادرها تحت أي ظرف كان.
نحن العاملين في مجال التربية نرى أن التربية بالقدوة هي من أنجح الوسائل المؤثرة في إعداد الأبناء خُلُقيًا، وتكوينه نفسيًا واجتماعيًا، ذلك لكون المربي هو المثل الأعلى في نظر الطفل، والأسوة الصالحة في عينه، فيقلده سلوكيًا ويحاكيه خُلُقيًا من حيث يشعر أو لا يشعر، بل تنطبع في نفسه وأحاسيسه صورته القولية والفعلية والحسية والمعنوية.
ومن هنا جاءت أهمية القدوة عاملًا كبيرًا بوصفها لها الأثر الأقوى في صلاح الطفل أو فساده. فإن كان المربي صادقًا أمينًا كريمًا عفيفًا، نشأ الولد على الصدق والأمانة والخلق والكرم والشجاعة والعفة، والعكس هو الصحيح. فلا يمكن أن ترى نباتًا فاسدًا لمزارع نزيه، مما يعني وبالضرورة أن الابن هو نتاج أبويه، وإن خرج عن هذه القاعدة أحدهم فهو أمر شاذ لا يمكن القياس عليه واعتباره معيارًا للحكم.
وفي سبيل أن تكون التربية بالقدوة تربية صالحة، ينبغي على الأبوين والمربين وحتى المعلمين والمدرسين أن يكونوا حذرين في سلوكياتهم سيما أمام الأطفال. إذ يجب عليهم أن يكونوا صادقين إذا ما أرادوا أن يكون أبناؤهم صادقين، فالقيام بسلوك والتحدث بضده يحدث خلطًا مفاهيميًا لدى الطفل، مما يجعل القيمة تتشوه وحينها تهتز ثقته بالقدوة ويفقد بوصلته.
أهمية التربية بالقدوة:
يمكن اعتبار التأثير الفعال للتربية هو ما جعلها مهمة جدًا في المسار التربوي، إذ إن هذا الأسلوب الحياتي يُعدّ من أقوى أساليب التربية، حيث يتعلم الأطفال من خلال الملاحظة والتقليد أكثر من التعلم النظري.
كما أن أسلوب التربية بالقدوة يطور السلوك، فمن خلال ملاحظة سلوكيات القدوة، يتعلم الطفل كيفية التصرف في مختلف المواقف، وحينها لا تصيبه الحيرة ولا التردد، بل يستند إلى سلوكيات مربيه ويعمل على غرارها.
كما أن التربية بالقدوة تعمل على غرس القيم، فالقدوة الحسنة تساعد في غرس القيم الإيجابية مثل الصدق، والأمانة، والإحسان، والتعاون للطفل، وبذا تبعده عن القيم السلبية. ولأجل هذه الفوائد، يجب أن يتبع الوالدان والمربون أسلوب التربية بالقدوة كأسلوب حياة في التربية.
اضف تعليق