وحقق الذهب، الذي يُنظر إليه عادة على أنه ملاذ آمن، مكاسب بنسبة 59 بالمئة منذ بداية العام وحتى الآن، مدفوعا بعدة عوامل، بما في ذلك حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، والتوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، والشراء القوي من البنوك المركزية، والاتجاه إلى تقليص الاعتماد على الدولار، والتدفقات القوية لصناديق...

تجاوزت أسعار الذهب عتبة 4200 دولار للأوقية (الأونصة) للمرة الأولى على الإطلاق اليوم الأربعاء، مدعومة بتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية وتجدد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 1.4 بالمئة إلى 4200.11 دولار للأوقية بحلول الساعة 0659 بتوقيت جرينتش. وصعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر كانون الأول 1.3 بالمئة إلى 4218.0 دولار.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الثلاثاء أن إدارته تعتزم إصدار قائمة يوم الجمعة "بالبرامج الديمقراطية" التي سيتم إغلاقها على خلفية إغلاق الحكومة الاتحادية.

وذكر مات سيمبسون كبير المحللين لدى ستون إكس "لقد قدم إغلاق الحكومة الأمريكية والتعليقات الحذرة من جيروم باول أحدث الأسباب التي دفعت أسعار الذهب إلى الارتفاع".

وقال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) إن سوق العمل في الولايات المتحدة لا تزال ضعيفة لكن الاقتصاد "قد يكون على مسار أكثر ثباتا مما كان متوقعا".

وأضاف باول أن قرارات أسعار الفائدة تُتخذ على أساس "كل اجتماع على حدة" مع الأخذ في الاعتبار ضعف سوق العمل وبقاء التضخم فوق المستوى المستهدف.

ويرى المستثمرون أنه صار في حكم المؤكد أن المركزي الأمريكي سيخفض الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماعه هذا الشهر، مع توقع بخفض مماثل في ديسمبر كانون الأول.

وحقق الذهب، الذي يُنظر إليه عادة على أنه ملاذ آمن، مكاسب بنسبة 59 بالمئة منذ بداية العام وحتى الآن، مدفوعا بعدة عوامل، بما في ذلك حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، والتوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، والشراء القوي من البنوك المركزية، والاتجاه إلى تقليص الاعتماد على الدولار، والتدفقات القوية لصناديق المؤشرات المتداولة في البورصة.

ورفع بنك أوف أميركا توقعاته لأسعار المعادن الثمينة خلال عام 2026، متوقعاً أن تصل أسعار الذهب إلى 5000 دولار للأونصة في أفضل التوقعات، مع متوسط يبلغ نحو 4400 دولار، في حين رجّح أن ترتفع أسعار الفضة إلى 65 دولاراً للأونصة بمتوسط قدره 56.25 دولار.

وأوضح البنك، أن النظرة الإيجابية للذهب والفضة تستند إلى عوامل اقتصادية قوية تشمل استمرار مخاوف التضخم العالمي، وتزايد الطلب على الأصول الآمنة في ظل تقلبات الأسواق المالية وضعف أداء بعض العملات الرئيسية.

وأشار التقرير إلى أن الاتجاه الصعودي للذهب لا يزال مدعوماً ببيئة نقدية عالمية تميل إلى التيسير، مع احتمال خفض أسعار الفائدة في الاقتصادات الكبرى خلال العامين المقبلين، ما قد يضعف الدولار الأميركي ويزيد من جاذبية الذهب كتحوط ضد انخفاض العملة.

ورغم هذه التوقعات المتفائلة، أبدى البنك بعض التحفظات بشأن مراكز المستثمرين، موضحاً أن الأسعار قد تواجه تقلبات قصيرة الأجل إذا قرر المستثمرون جني الأرباح بعد المكاسب القوية التي سجلتها المعادن الثمينة مؤخراً.

ويأتي رفع التوقعات من جانب بنك أوف أميركا في وقت تتزايد فيه الرهانات على دخول الذهب مرحلة صعود جديدة، مدعوماً بالطلب القوي من البنوك المركزية والمستثمرين المؤسسيين الباحثين عن أدوات حماية من التباطؤ الاقتصادي العالمي.

كما يرى محللون أن تجاوز الذهب مستوى 5 آلاف دولار للأونصة سيشكل قفزة تاريخية غير مسبوقة، تعيد رسم خريطة أسواق السلع، وتؤكد مكانة المعدن الأصفر كملاذ أول في فترات عدم اليقين.

معاناة الدولار تتعمق

وفي سياق متصل انخفض الدولار مقابل عملات رئيسية أخرى يوم الأربعاء بعد أن عززت بعد تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول الرهانات على سلسلة من التخفيضات في أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.

كان الين والدولار الأسترالي من أبرز العملات التي حققت أداء قويا، إذ واصل كلاهما التعافي من الانخفاضات الحادة مقابل الدولار الأسبوع الماضي.

وأشار بعض المحللين أيضا إلى الرياح غير المواتية التي نتجت عن قرار بكين بتثبيت اليوان عند 7.1 مقابل الدولار الذي يحظى بمتابعة وثيقة للمرة الأولى منذ نوفمبر تشرين الثاني الماضي.

وارتفع الدولار الاسترالي الحساس للمخاطر على الرغم من الخلاف الجمركي المتصاعد بين بكين وواشنطن.

وارتفع الين حتى مع تعمق حالة عدم اليقين بشأن من سيصبح رئيس وزراء اليابان المقبل، حيث ذكرت وسائل الإعلام المحلية أن التصويت البرلماني الذي كان من المقرر إجراؤه يوم الثلاثاء المقبل قد يتأجل وسط خلافات سياسية.

وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات 0.2 بالمئة إلى 98.844 بحلول الساعة 0536 بتوقيت جرينتش، بعد انخفاضه 0.2 بالمئة في الجلسة السابقة.

وساعد الممثل التجاري الأمريكي جاميسون جرير في تهدئة بعض الأعصاب أمس الثلاثاء عندما قال لشبكة سي.إن.بي.سي إنه لا تزال هناك خطة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقاء نظيره الصيني شي جين بينغ.

وقال محللو بنك «دي بي إس» إن الأسواق تتداول حاليًا في وضع «غولديلوكس»، أي بيئة من نمو اقتصادي مستقر وسياسة نقدية مرنة، فيما تُهمَّش المخاوف المتعلقة بالتضخم والإغلاق الحكومي والتوترات التجارية مؤقتاً.

متلازمة الدولار والذهب

ويعتبر الذهب عادة مخزنا للقيمة في أوقات عدم الاستقرار. وباعتباره من أفضل الأصول أداء في عام 2025، ارتفع الذهب في المعاملات الفورية 53 بالمئة منذ بداية العام بعد صعوده 27 بالمئة في عام 2024.

ويعود هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل، من بينها توقعات خفض أسعار الفائدة واستمرار الضبابية السياسية والاقتصادية وعمليات شراء قوية من البنوك المركزية وتدفقات إلى صناديق الذهب المتداولة في البورصة إضافة إلى ضعف الدولار.

وقال تاي وونج وهو تاجر معادن مستقل "هناك الكثير من الثقة في هذه التجارة حاليا لدرجة أن السوق ستترقب الرقم الكبير التالي وهو 5000 مع ترجيح مواصلة مجلس الاحتياطي الاتحادي خفض أسعار الفائدة".

وأضاف "ستكون هناك بعض العقبات في الطريق مثل هدنة دائمة في الشرق الأوسط أو أوكرانيا ولكن من المستبعد أن تتغير على المدى المتوسط المحركات الأساسية للتجارة والديون الضخمة والمتنامية وتنويع الاحتياطيات وضعف الدولار".

وأدى الإغلاق الحكومي إلى تأجيل إصدار مؤشرات اقتصادية رئيسية من أكبر اقتصاد في العالم، مما أجبر المستثمرين على الاعتماد على البيانات الثانوية غير الحكومية لتوقع توقيت خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي لأسعار الفائدة ومدى هذا الخفض.

ويتوقع المستثمرون الآن خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي هذا الشهر، وخفضا إضافيا بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر كانون الأول وفقا لأداة فيد ووتش التابعة لسي.إم.إي.

وقال تيم ووترر كبير محللي السوق في شركة كي.سي.إم تريد "تميل حالة عدم اليقين المتصاعدة إلى تعزيز مكاسب سعر الذهب ونشهد عودة هذا التوجه".

وأضاف "لا تزال ديناميكيات السوق المتمثلة في انخفاض أسعار الفائدة الأمريكية واستمرار إغلاق الحكومة تُصب في صالح الذهب. لكن إغراء جني الأرباح عند مستوى 4000 دولار يُشكل خطرا محتملا على المدى القصير".

ويقول محللون إن "الخوف من تفويت الفرصة" يعزز الارتفاع أيضا.

وبالإضافة إلى ذلك، عززت الاضطرابات السياسية في فرنسا واليابان الطلب على المعدن الأصفر الذي يعد ملاذا آمنا.

ويتوقع المحللون تدفقات قوية إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب، مدفوعة بعمليات شراء من البنوك المركزية واحتمال انخفاض أسعار الفائدة الأمريكية، مما يعزز دعم أسعار الذهب في عام 2026، ودفع ذلك مؤسستي جولدمان ساكس ويو.بي.إس إلى رفع توقعاتهما للأسعار.

المخاوف العالمية تدفع بالذهب

وشكلت المخاوف إزاء المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية العالمية أكبر العوامل التي دفعت الذهب إلى الارتفاع 53 بالمئة هذا العام وتسجيل مستوى قياسي.

وصعد الذهب بمقدار المثلين على مدى السنوات الثلاث الماضية مع سعي المستثمرين إلى الأمان وسط أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية بين روسيا وأوكرانيا، والقتال في غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الذي أسفر عن مقتل الآلاف، معظمهم من الفلسطينيين، واتسع نطاقه ليشمل غارات جوية على إيران واليمن وتعطيل التجارة البحرية.

أما من الناحية الاقتصادية فهناك قلق لدى المستثمرين تؤججه الضبابية المحيطة بالاقتصاد الأمريكي مع إطلاق الرئيس دونالد ترامب العنان لرسوم جمركية قلبت التجارة العالمية رأسا على عقب، والمخاوف إزاء قوة الدولار واستقلالية مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) والتضخم المستمر وتباطؤ النمو الأوروبي.

وقفز الذهب 12 بالمئة في سبتمبر أيلول وحده، مما أدى إلى ارتفاع الفضة والبلاتين والبلاديوم أيضا.

وقال دان سميث، المدير الإداري في كوموديتي ماركت أناليتيكس "الارتفاع غير معقول، ويخبرنا أن هناك شيئا سيئا يحدث مما يصيبنا حتما بالتوتر".

وقدم صانعو السياسات النقدية دعما لأسعار الذهب أيضا من خلال إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة وتأخير رفع أسعار الفائدة، مما دفع المستثمرين إلى التحول نحو المعدن الأصفر كملاذ آمن.

وساهمت مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية في دعم الأسعار. وقالت شركة ميتالز فوكس للاستشارات إن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم في طريقها لشراء 1000 طن من الذهب في عام 2025، وهو ما سيجعله رابع عام يشهد عمليات شراء ضخمة، وذلك لتنويع احتياطياتها من الأصول المقومة بالدولار.

وتزيد كل خطوة إلى الأعلى يقطعها الذهب من احتمالية حدوث عمليات بيع، إذ تُظهر المؤشرات أن السوق تشهد ذروة شراء متزايدة، إلا أن تجاوز مستوى أربعة آلاف دولار ربما يفتح الطريق أمام الذهب لمواصلة الصعود حتى عام 2026.

وقال ديفيد ويلسون، المحلل في بنك بي.إن.بي باريبا، إنه عادة ما يحدث في عام معين، أن يحرك عامل أو اثنان من محركات المخاطرة سعر الذهب "ولكن في الوقت الحالي، تتوفر كل العوامل التي تعتبر من المحركات التقليدية للذهب".

وقال بيتر جرانت، نائب رئيس شركة زانر ميتالز وكبير خبراء المعادن فيها "هناك تدفقات مستمرة على أصول الملاذ الآمن تنبع جزئيا من إغلاق الحكومة (الأمريكية) وعدم وجود مؤشر حقيقي على إمكان حل الأزمة في المدى القريب. لذا، لا يزال هناك طلب جيد على الذهب".

وعادة ما ترتفع أسعار الذهب، الذي لا يدر عائدا، في ظل انخفاض أسعار الفائدة وخلال فترات عدم اليقين الاقتصادي.

من يشتري الذهب؟

ذكر مجلس الذهب العالمي في تموز/يوليو بأن الطلب على الذهب أظهر نموا نسبته ثلاثة في المئة في الربع الثاني وصل إلى 1249 طنا بفضل “بيئة جيوسياسية تزداد صعوبة التكهّن بها وزخم الأسعار”.

وأضاف أن عمليات الشراء التي تقوم بها مصارف مركزية بلغت “مستويات مرتفعة بشكل كبير نظرا إلى الضبابية الاقتصادية والجيوسياسية القائمة”.

ويسجل طلب قوي على الذهب عبر صناديق المؤشرات المتداولة في أسواق الأسهم. وتتيح هذه الصنايق الاستثمار دون التداول في سوق العقود الآجلة للذهب.

وأوضح فلاكس “في حين أن المكاسب المبكرة هذا العام كانت مدفوعة بالتقلبات الناجمة عن الرسوم الجمركية في الربع الثاني، إلا أن الزخم الأخير كان مدفوعا بالمعنويات القوية والتدفقات القياسية في صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب”.

لكن بيئة الأسعار المرتفعة أدت إلى إضعاف الطلب على المجوهرات، بحسب مجلس الذهب العالمي.

لم يكن الذهب وحده من بين الأصول التي ترتفع قيمتها بشكل قياسي إذ سجّلت أسواق الأسهم الرئيسية وعملة البتكوين أرقاما قياسية أيضا.

وأشار كبير خبراء السوق لدى منصة التداول “آي جي” كريس بوشام إلى أن السعر القياسي الذي سجلته عملة البتكوين الأحد يأتي “في وقت يواصل الذهب ارتفاعه، ما يشير إلى أن المستثمرين حول العالم يواصلون البحث عن التنويع رغم أن بلوغ الأسهم مستويات قياسية أيضا يدل على أن هناك الكثير من السيولة المتوفرة”.

تجاوزت العملة المشفرة 126 ألف دولار لأول مرة الثلاثاء بينما سجّلت أسواق أسهم وول ستريت ولندن وطوكيو مستويات قياسية في جلسات التداول الأخيرة.

هل يصنع مشترو الذهب الفقاعات؟

يلجأ بعض المستثمرين إلى شراء الذهب لتجنب الضرر المحتمل من فقاعة جديدة، سواء كانت في أسهم قطاع التكنولوجيا، أو في الإنفاق الحكومي، أو حتى فقاعة في أسعار السلع نتيجة التضخم، ولكن ماذا لو كان التدافع على الذهب هو الفقاعة الحقيقية؟

إن ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 56% حتى الآن هذا العام أمر لا يمكن التغاضي عنه، والغريب هو تزامن هذا الارتفاع مع انتعاش حاد في أسواق الأسهم الأميركية والعالمية منذ أبريل.

ربما فسّرت الحروب التجارية العالمية والمخاطر الجيوسياسية الارتفاع الكبير في الطلب على الذهب كملاذ آمن أو كأداة لتوزيع المخاطر، خاصةً بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير، لكن طفرة السبائك استمرت حتى مع تعافي أسواق الأسهم بشكل حاد من أدنى مستوياتها في أبريل، وتراجع مؤشرات الارتباك التجاري والجيوسياسي وعدم اليقين.

من المؤكد أن السياسات المالية والنقدية العالمية التيسيرية قد عززت مخاوف عودة التضخم العالمي للارتفاع، وبالتالي نحن أمام حالة تجمع بين العوائد المنخفضة على السندات وتوقعات بارتفاع التضخم قريباً، ما يعني أسعار فائدة حقيقية منخفضة في المدى المنظور، وهو أمر يدعم شراء المعدن النفيس، ذي العائد الصفري.

وفي الولايات المتحدة هناك رغبة صريحة من إدارة ترامب في إضعاف ما تعتبره دولاراً مبالغاً في قيمته، وبالتالي إنعاش البديل الذهبي.

لكن هناك سؤال: كيف نحدد ما إذا كان ارتفاع أسعار الذهب قد تجاوز الحد المنطقي؟ فعلى عكس تقييمات الأسهم التي تتسم بالوضوح، لا يوجد إجماع على كيفية تقييم الذهب.

تضاعف سعر الذهب في خمس سنوات، وارتفع بأكثر من 250% خلال العقد الماضي، فمتى يُعتبر هذا السعر مبالغاً فيه؟

يقول مايك دولان، محرر الشؤون المالية والأسواق في رويترز «ما لا شك فيه هو أن الجميع تقريباً لا يزالون متفائلين، وهو سلوك غالباً ما يرتبط بالفقاعات، وهذه الحقيقة وحدها قد تكون سبباً وجيهاً لتشكك المستثمرين فيما سيحدث لاحقاً».

حتى مع تسجيل الذهب رقماً قياسياً جديداً عند 4100 دولار للأونصة هذا الأسبوع، يتوقع غولدمان ساكس ارتفاعاً آخر بنسبة 20% بحلول نهاية العام المقبل، ويرى سوسيتيه جنرال أن صعود الذهب إلى 5000 دولار «أمرٌ لا مفر منه»، ويقول فريق جي بي مورغان إن قرار الاحتفاظ بأرصدة الذهب على المدى الطويل هو أحد «أقوى وجهات نظره في مختلف الأصول».

وفي غياب مقاييس تقييم مقبولة تعتمد التوقعات على تقدير العرض والطلب.

يستمر شراء المعدن النفيس من قِبَل البنوك المركزية وصناديق الذهب المُتداولة، والتي تجذب المزيد من المستثمرين الرئيسيين الباحثين عن تحوّط أكثر تنوعاً من السندات الحكومية طويلة الأجل التي تُثير قلقاً متزايداً، وبما أن طلب البنوك المركزية يبدو أكثر ثباتاً، يواصل المُحللون الاعتماد عليه، لكن ليس واضحاً متى يتوقف هذا الطلب.

أما طلب المستثمرين من القطاع الخاص فهو مثير للحيرة.

رأى مديرو الأصول العالميون، الذين يستطلع بنك أوف أميركا آراءهم شهرياً، أن «شراء الذهب على المدى الطويل» كان ثاني أكثر تداولات سبتمبر زخماً بعد أسهم التكنولوجيا الأميركية العملاقة، لكن أكثر من ثلث هؤلاء المديرين لم يكن لديهم أي مراكز استثمارية في الذهب على الإطلاق، وبلغ متوسط التخصيص المرجح لمن قاموا بالشراء بالفعل 4.2% فقط.

وبدأت ثلاثة عوامل تتعلق بالارتفاع الهائل في أسعار الذهب تُقلق المستثمرين، وهي السرعة الهائلة للارتفاع، والانفصال التدريجي عن مؤشرات عدم اليقين، والانفصال عن أسعار الفائدة الحقيقية النسبية بل والانفصال عن الدولار نفسه.

يشير بنك جي بي مورغان إلى أن الارتفاع الأخير في سعر الذهب قد تجاوز الحد الذي يمكن تفسيره بانخفاض أسعار الفائدة الحقيقية، استناداً إلى فكرة أن انخفاض العوائد الحقيقية على الأصول «الآمنة» الأخرى يجعل الذهب بديلاً أكثر جاذبية.

ويعتقد البنك أن هذه الفجوة يمكن تفسيرها بحجة الطلب الفعلي، ويقترح الشراء مع أي تراجع جديد في أسعار الفائدة الحقيقية.

لكن كلاً من جي بي مورغان وإتش إس بي سي يُشيران إلى ما سيحدث إذا ارتفع سعر الفائدة المفروض من الاحتياطي الفيدرالي.

مع ارتفاع توقعات التضخم، ارتفعت أسعار الذهب في الربع الأخير، وذلك بالتزامن مع انخفاض سعر الفائدة المفروضة من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بنحو 50 نقطة، إلا أن سعر الفائدة المتوقع خلال الفترة المُقبلة ارتفع قليلاً عن التوقعات السابقة، ما دعم الدولار، وساعد في ذلك اضطرابات سياسية في اليابان (الين) وفرنسا (اليورو).

ورغم الهزة التي أصابت المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يوم الجمعة الماضي، فقد تراجعت المخاوف الاقتصادية والجيوسياسية مقارنةً ببداية 2025، لكن الذهب لم يتوقف عن الصعود.

يرجح بنك إتش إس بي سي أن يؤثر تراجع التوترات العسكرية والتجارية العالمية خلال العام المقبل سلباً على أسعار الذهب، ومن المرجح أن يُؤدي التحليل الفني وفق الرسوم البيانية إلى حدوث تعثر قبل ذلك.

يقول فريق دويتشه بنك إن شهري سبتمبر وأكتوبر ربما شهدا «ذروة في التوجه»، حيث تُظهر مؤشراتهما أن أسعار الذهب تجاوزت المتوسط المتوقع وفق الرسوم البيانية بكثير.

يقول مايك دولان، من رويترز «لا أحد يُريد تحديد قمة يتوقف فيها الذهب عن الصعود، لكن الجميع يترقب مشاهدة الانحدار».

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس+سي ان ان

اضف تعليق