الإنسان خُلق ليكون رسالة محبة غايتها دفع الشر وإن تعددت أشكاله وأثوابه. والسلام كلمة بسيطة في تركيباتها لكنها عميقة في معانيها. السلام رسالة جناحاها التقارب والتسامح، لذا أتوجه بدعوة صادقة للخطباء والأساتذة، ولكل من يكتب وينشر في مواقع التواصل، أن تكون سطوره قوافل مودة وأسراب تعايش مهاجرة بكل مكان، تنشر السلام...
بقلم: د. علي موسى الموسوي
سيناريو الموت المدفون بين طيات العقائد، التشوهات العرقية، المآسي التجارية، لا يحتاج لتسويقها إجراميًا سوى مشاهد الدماء النقية التي اعتادت أن تسيل بوقاحة على شاشات الميديا بين فترة وأخرى، كنتاج طبيعي لثقافة الكراهية والمظالم الموهومة التي تتسرب منها التبريرات.
الذاكرات الموتورة لتلك الجماعات الدرامية المنزوعة الضمائر. الأخبار الحزينة والمقلقة تتوالى بكل بقاع العالم، تشعر من خلالها أن لا وجود لمكان آمن في هذا الكون ويخلو من التطرف والإرهاب والاضطرابات والمشاحنات بعد شيوع الكراهية الشقراء.
أصبحت الخشية على الإنسانية حاجة كونية ملحة باعتبارها قيمة مقدسة يُراد تفتيتها. الإنسانية تحولت إلى ضحية لمجموعة من المتطرفين الذين ينشرون البغضاء مع الآخر خلافًا لما أمرت به الأديان السماوية الرحيمة التي تحث الإنسان على محبة الآخر وإن كان مخالفًا له بالعرق أو الدين أو القومية، باعتبار أن المشترك العظيم بينهم هو الإنسانية، نقطة التقاء الكون ومدياته المتضادة.
فلسفة الإرهاب ونشأته:
الإرهاب واصل حكايته، لا ينشأ هكذا فجأة، وخياره البيولوجي ليس متاحًا، وإنما هو يبدأ فكرًا صغيرًا ثم يكبر كسلوك شاذ. يبدأ من علاقة الأب بابنه، الزوج مع زوجته، الجار مع جاره، أي ما تحدده طبيعة علاقة الذات مع المجتمع، سلبية كانت أم إيجابية.
أما مارد الإرهاب فقد يخرج بالاستجابة من فوهات المناهج الدراسية. أما الرأي الذي يرجح أن أغلب الظواهر الاجتماعية البشعة ليس لها علاقة بالدين ولكنها مرتبطة بالعادات والتقاليد، فقد تغافل أصحابه كيف تولدت هذه العادات والتقاليد بل كيف تكونت ثقافة الفرد على المستوى الشخصي، هل تكونت بعيدًا عن الدين أم أنها من عمق العقائد المحرفة التي تفرز الكراهية باتجاه الآخر المختلف؟
لأن ما تتفق عليه الأديان الإنسانية المتسامحة هو أن النفس الإنسانية البريئة بغض النظر عن معتقد ودين صاحبها، لها نفس الحرمة ونفس العصمة، وأن الاعتداء عليها يمثل إرهابًا واضحًا، حيث قال تعالى: من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً. اللافت للنظر أن الخطاب الإلهي قال نفسًا دون أن يذكر دينًا ولا معتقدًا لصاحبها، أي أن هنالك نهيًا قاطعًا عن كل خطابات الكراهية والعنصرية من المختلف الديني أو العرقي، أي ما ينص عليه الفهم العقلاني للنصوص.
دعوة للسلام الإنساني:
التلوث الفكري الذي يُراد استبداله بالأكسجين، صار يحتم على كل إنسان أن يحمل بجيب قلبه تعويذة الإنسانية، ويقف بعناد أمام خطاب الكراهية والعنصرية، ويعلن تضامنه مع الإنسان في كل مكان في العالم؛ لأن الإرهاب والتطرف لا ينتميان إلى دين وإنما هما نتاج أفكار هجينة ومارقة.
الإنسان خُلق ليكون رسالة محبة غايتها دفع الشر وإن تعددت أشكاله وأثوابه. والسلام كلمة بسيطة في تركيباتها لكنها عميقة في معانيها. السلام رسالة جناحاها التقارب والتسامح، لذا أتوجه بدعوة صادقة للخطباء والأساتذة، ولكل من يكتب وينشر في مواقع التواصل، أن تكون سطوره قوافل مودة وأسراب تعايش مهاجرة بكل مكان، تنشر السلام والوئام بين البشر وترتقي المجتمعات بالعمل الإنساني الإيجابي.
اضف تعليق