تبرز أهمية الانتخابات في إرساء أسس الدولة المدنية، وتعميق مبدأ تبادل السلطة سلميًا، وعزل الأعضاء الذين لم يقدموا ما يعزز تثبيت الديمقراطية في العراق. وهذه الأهمية يعززها كما قلنا دور المثقف الوطني الطليعي الذي يشخّص أخطاء وسلوكيات الأشخاص المرشحين الفائزين في الدورات السابقة عبر الشفافية المنبثقة من مسار ديمقراطي...
حقيقة الديمقراطية تتمثل في بناء الدولة المدنية المبنية أساسًا على نظام المؤسسات، والتي ترفض تكريس السلطة لشخص معين أو جهة معينة، بل تقوم على أساس الشراكة والعقد الاجتماعي. والمنهج المهم في الحكم الديمقراطي يتمثل في إجراء انتخابات عامة في كل فترة زمنية يحددها دستور جاء من خلال استفتاء شعبي.
وهذا الأمر يحتاج إلى تنمية منظومة الوعي لدى المجتمع في استيعاب العملية الديمقراطية ومساراتها، وهنا تكمن أهمية المثقف في الانتخابات، كونه قد خبر حقول المعرفة وتحلّى بسلوك حضاري في تقبل الآخر، وامتلاك ناصية الحوار والنقاش. وبهذا يكون له تأثير في الوسط الجماهيري. وبطبيعة الحال نقصد المثقف الوطني الطليعي. ومن هنا عليه واجبات الحضور الوطني للمساهمة في حث الناس باتجاه المشاركة في العملية الانتخابية في سبيل تجديد الإمكانية في البناء والإعمار، وذلك باستبدال الوجوه التي قصّرت في أداء واجباتها المناطة بها.
هذه المتغيرات لا شك تشكل ضمانة لبناء الدولة المدنية بدلالتها الوطنية، لأن طبيعة الشعب العراقي ذات تنوع متمثل بخلطة فسيفسائية متعددة من القوميات والأديان والطوائف، التي تذوب في وطن واحد هو العراق. وفي حكم المؤكد لدينا أن من ينطلق وطنيًا خالصًا بدلالته الوطنية ونزاهة تاريخ مسار حياته، هو المرشح الساخن في الانتخابات العراقية. وما أحوجنا للحث في كل مناسبة على تجريم كل من يدّعي الطائفية أو القومية أو ما شابه ذلك. ولنا القوة الدافعة لهذا الاتجاه هو تاريخ العراق العريق وبكل أطيافه ذات اللحمة الوطنية بعيدًا عن الهويات الفرعية.
وقد تحقق هذا بالتخلص من الحرب الأهلية التي كادت أن تصيب النسيج العراقي المتماسك، لولا التاريخ الطويل في العيش بوئام وسلام ومحبة بين أفراد شعبنا. ونياشين ذلك التصاهر والمحبة بين خليطنا أو فسيفسائنا المتنوعة. ولهذا على مثقفنا الواعي المتسلح بالدالة الوطنية النزول إلى ساحة الانتخابات المقبلة من أجل التغيير وإرساء الديمقراطية العراقية، التي تغرف من ينبوع هذا التنوع الإيجابي.
وبالتالي له أن يلعب دور الرقيب في إنضاج الموقف الصلب ومواجهة قضية المحاصصة التي أضرت بالعملية الديمقراطية وعطّلت من مشروع بناء الدولة العراقية الوطنية المدنية. وحين تتمخض العملية الانتخابية عن هكذا عناصر، همها الأول والأخير هو الوطن العراقي، سنكون قد شخصنا دور المثقف العراقي في تصحيح المسار الذي سارت عليه الديمقراطية في العراق، من مسار المحاصصة إلى مسار الكفاءة والإخلاص والدالة الوطنية.
وبالتالي قلب المعادلة، وحث الناس على الخروج والمشاركة في العملية الانتخابية وفاءً للوطن وللإنسان أولًا، وثانيًا لإرساء مفاهيم قواعد الديمقراطية. والحصيلة استشراف مستقبل أجيالنا المقبلة وتأمين الحياة المستقرة لهم، تحت ظل الدولة المدنية الوطنية العادلة.
هذا المسار الديمقراطي الصحيح النابع من أرضية التنوع العراقي كفسيفساء تضم هذا التنوع في لوحة أعجبت العالم الحر وغاضت أعداء العراق، حيث وأدنا الحرب الأهلية في مهدها سنة 2006م. وسيكون للمثقف بهذا المسار دور مهم في إرساء القضية الأكبر والأسمى، وهي العراق الواحد ونظامه الديمقراطي في الطريق الصحيح بمؤسساته الدستورية الثابتة والمصونة بقيادات وطنية عابرة للقومية والطائفية وحتى المناطقية، ذات نزاهة وشفافية.
من هنا تبرز أهمية الانتخابات في إرساء أسس الدولة المدنية، وتعميق مبدأ تبادل السلطة سلميًا، وعزل الأعضاء الذين لم يقدموا ما يعزز تثبيت الديمقراطية في العراق. وهذه الأهمية يعززها كما قلنا دور المثقف الوطني الطليعي الذي يشخّص أخطاء وسلوكيات الأشخاص المرشحين الفائزين في الدورات السابقة عبر الشفافية المنبثقة من مسار ديمقراطي واضح بعيدًا عن المحسوبية والمنسوبية.
اضف تعليق