تلك الجهود الخيرة تبلي بلاء حسنا وتواصل الليل بالنهار من خلال ما تقدمه من خدمة جبارة للمشاركين في احياء الشعائر الحسينية سواء من الزائرين او من اهالي المدينة. وهي محل تقدير واحترام من قبل الوافد الاجنبي من داخل وخارج العراق، بل اكاد اجزم ان مستوى الخدمات التي تقدمها المواكب...
لكل قادم كرامة، ولكل ضيف استحضارات، أمثال نتداولها في حياتنا اليومية ونهتم بتطبيق حيثيتها، لكن هذا الضيف وهذا القادم يختلف تماما عن أي ضيف آخر....
ويختلف ايضا بممارساته، لأنه يحمل بين طياته ذكريات أقدس معركة حدثت في التاريخ، تجسدت بمأساة لا يمكن أن يستوعبها العقل، الضيف هو شهر محرم الحرام والذكريات هي أحداث عاشوراء والمكان كربلاء.
اهــالي مدينة كربلاء المقدسة وهم يحييون مراسيم هذه المناسبة في كـــــــل عام بمختلف الوسائل التي تبــرز واقعة الطف وتعبر عن اهدافها ومدلولاتها، وقد كانت الاستعدادات هذا العام كبيرة كما ونوعا اسوة بكل عام، حيث استنفر اهالي المدينة كل طاقاتهم وجهودهم من اجل الاستعداد لهذه المناسبة.
ولتسليط الضوء على آراء اصحاب المواكب والزائرين، التقينا بنخبة منهم.
أول من توجهنا له بالحديث (حيدر شعبان) وهو من خدمة هيئة الحوراء زينب (عليها السلام)، قائلا: (في البدء أعزي نفسي واياكم بهذا المصاب العظيم ألا وهو ذكرى استشهاد أبى الاحرار الامام الحسين (عليه السلام)، وأود ان اتقدم بفاضل الود والاحترام للقائمين على العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية ومعهم جميع الدوائر الامنية والخدمية في المحافظة، على الجهود المبذولة في العشرة الأولى من شهر محرم الحرام).
مشيرا، (مسيرة العمل بدأت بوتيرة تصاعدية من نشاط تنسيقي متميز لتوفير جميع الخدمات المطلوبة لتسهيل مهمة الزائرين، وهذا الامر ليس وليد اليوم، بل قبل شهر تقريبا كان الاستعدادات قائمة على قدما وساق.
مبينا، (الامر بطبيعة الحال ليس استنتاجا شخصيا، بل هناك تواصل مباشرة مع الاخوة العاملين في العتبات المقدسة).
ويضيف، (آليات إنجاح هذه الزيارة معد له سلفا وبتنسيق عالي مع كافة القطاعات الخدمية الحكومية وغير الحكومية، ابتداء من الجانب الامني فهناك تنسيق واضح ما بين اقسام حفظ النظام في العتبتين وفوج قوة حماية الحرمين والحمد لله النتائج جيدة والامن مستتب والامور تبشر بكل الخير).
ويتابع، (اما من ناحية الجانب الخدمي فهناك خدمات متميزة تقدمها العتبتين المقدستين، خاصة من ناحية توفير مكان لإيواء الزائرين داخل العتبة والمنطقة المحيطة بها، وايضا في الطرقات الخارجية تم توزيع خيم وبطانيات لاستقبال الزائرين).
ويختم شعبان حديثه، (نشيد بقسم الشعائر المواكب والهيئات الحسينية الذي اعد خططا متكاملة من ناحية التنسيق مع مديرية الشرطة وقيادة العمليات بخصوص التعهدات والكفالات الخاصة بالمواكب والتوقيتات الخاصة في نزول وخروج المواكب).
موضحا، (ان تهيئة اماكن مقراتهم وجميع الامور معدة ومحكمة ومنسقة بشكل جيد ومنذ وقت مبكر).
خدمات تقدمها المواكب
يرى الحاج جميل حسين خطار من أهالي المشخاب: ان (الاستعدادات الشعبية التي يقدمها اهالي كربلاء المقدسة سنويا الى الزائرين، لها اسهامات عظيمة في ادامة زخم هذا المد المليوني الوافد الى كربلاء).
ويقول، (لولا تلك الجهود الكبيرة التي لا تقدر بثمن، لما استطاعت المواكب والهيئات الحسينية تقديم واجب العزاء الحسيني هذا من جهة، ومن جهة اخرى هي لا تستطيع ان تقديم خدماتها المجانية للزائر الى كربلاء المقدسة بالشكل الامثل).
ويضيف، (هذه عملية تنظيمية كبرى لتقديم الخدمات اللوجستية ابتداء بالماء والطاقة وأكياس النفايات والافرشة والاغطية وعلى راسها تأمين النقل).
ويكمل خطار، (ناهيك عن الخدمات الصحية المجانية التي تقدمها المفاز الطبية والصحية خلال العشرة الأولى من شهر محرم الحرام).
مشيرا، (الى ان تلك الجهود الخيرة تبلي بلاء حسنا وتواصل الليل بالنهار من خلال ما تقدمه من خدمة جبارة للمشاركين في احياء الشعائر الحسينية سواء من الزائرين او من اهالي المدينة).
ويختم خطار، (هي محل تقدير واحترام من قبل الوافد الاجنبي من داخل وخارج العراق، بل اكاد اجزم ان مستوى الخدمات التي تقدمها المواكب والهيئات الحسينية في كربلاء تعجز عن الوفاء بها دول اخرى).
الارشاد والتبليغ
ويرى الشيخ (كاظم ساهي) في الاستعدادات وجها أخر من اوجه العزاء الحسيني، غير المتوقف على حالة المأكل والمشرب والمأوى الممتد من اول شهر محرم الحرام الى الاربعينية، وقد تختلف أشكال وانواع الخدمة من هيأة الى اخرى).
ويقول، (ما يعنينا في هذا المقام هي تلك الخدمات التبليغية والتثقيفية والإرشاديّة التي أعلن عنها قسم الشؤون الدينية وشعبة الخطابة الحسينية في العتبة العباسية المقدسة لتتخذ من البث المباشر ومنصات التواصل والمواقع الإلكترونيّة منبراً لها، بغية تسلّيط الضوء على نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، وأهدافها وأبعادها الروحيّة وما حقّقته للبشريّة جمعاء).
إمكانات محدودة
اما الحاج نزار جاهل من اهالي الكاظمية تحدث صراحة عن مفصل مهم من مفاصل الخدمة التي تقدمها العتبتين المقدستين والدوائر الخدمية في كربلاء المقدسة، خصوصا في الايام العشرة الاوائل من شهر محرم الحرام، وذلك من اجل فك الاختناقات والانسدادات الحاصلة في شبكات خطوط المجاري والتي تشهد زخما كبيرا، بسبب توافد الزائرين الكرام للمدينة.
وأضاف، (هذه الجهود قطعا تحتاج لملاكات بشرية وفنية وهندسية وآليات تخصصية لتقديم الخدمات على مدار الساعة طيلة فترة الزيارة ومراقبة، شبكات الصرف الصحي وفك الاختناقات وتنظيف وتسليك خطوط المجاري).
مشيرا، (نجاح الخطة الخدمية يعد امراً استثنائياً وانجازاً مهما اذا ما قورن بالإمكانات المحدودة والخطة الخدمية موزعة على عدة محاور لمركز المدينة).
زيارة العتبات المقدسة
من جهتها تحرص عائلة السيد كريم الموسوي التي تسكن محافظة بغداد والمتألفة من خمسة افراد (أب وأم وابنتين وولد) على التوجه الى مدينة كربلاء.
مستثمرين في كل مرة تتاح لهم فرصة أداء مراسيم الزيارة والتنعم بالأجواء الروحانية الخاصة بالمدينة المقدسة.
فتارة يفدون طلبا لشفاعة آل البيت الكرام (عليهم السلام) عند الله تعالى بغية نيل حاجة ما او حل شدة او كرب مر على العائلة، وتارة اخرى يأتون حامدين شاكرين الرب (عزه وجل) على ما انعم عليهم من نعم الهية معتقدين بمنزلتهم (عليهم السلام) عنده (جل وعلى).
اذ يقول السيد كريم، (عند طلوع هلال الشهر الحرام من كل عام مهما كان الظرف المعيشي ومهما كثرت الانشغالات فإننا حريصون على ان نشد الرحال صوب مدينة الحسين (عليه السلام) محملين بالحزن والشجن معزين مواسين للمولى المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) خلال ايام الحزن العاشورائي).
ويضيف، (اثناء تنقلنا في ارجاء المرقدين المشرفين نلجأ الى نيل قسط من الراحة او المبيت في الكثير من الاحيان في منطقة ما بين الحرمين، حيث تتوافر العديد من الخدمات والتسهيلات التي تبعث الى الشعور بالأمن والراحة لنا كزائرين وافدين من خارج المحافظة).
وتفد آلاف العوائل الاخرى من داخل البلد وخارجه الى ذات البقعة المطهرة على مدار ايام السنة.
الحاج مصطفى سليم الشمري الذي يصطحب عائلته بين الحين والاخر قادما من البصرة الى زيارة سيد الشهداء واخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام) يشير الى اشتياقهم المتواصل لمدينة كربلاء لزيارة العتبات المقدسة وهذا دأبهم على الزيارات بشكل دوري على مدى العشرين عاما التي اعقبت سقوط النظام البعثي.
ويقول (استمرارنا بالمجيء الى مدينة كربلاء بكثرة منذ ذلك الحين، الا اننا ما زلنا متعطشين لتعويض ما فاتنا من سنين حرمنا خلالها من زيارة المراقد المقدسة، ففي كل مرة نزور بها كربلاء نشعر وكأننا ولدنا من جديد.
ويتابع (نزور كربلاء مرتين خلال الشهر الواحد على اقل تقدير خصوصا مع الاستقرار الامني وتنامي الخدمات المتوفرة الذي شهدته المدينة).
مبينا، (نحظى بوسائل راحة متميزة وخدمات جليلة تقدمها العتبتين المقدستين، ناهيك عن الجهود الخيرة التي يقدمها اهالي مدينة كربلاء.
يضيف (منطقة ما بين الحرمين الشريفين على سبيل المثال توفر علينا عناء التجوال بحثا عن مكان للاستراحة فهي مجهزة بما يستلزم من سجاد وتكييف ومياه شرب، بالإضافة الى انها مجهزة بمسقوفات تقي الماكثين تحتها من اشعة الشمس في فصل الصيف او الامطار والبرد في الشتاء.
اضف تعليق